من قبس الكلام! — 1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العرش العظيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم.

تصادفك بين الحين والحين جملة من نص كتاب أو مقالة أو مسلسل أو فلم، جملة تضطر أن تقف أمامها لبرهة من الزمن حتى تتأمل انعكاسها على حياتك بشكل جلي! وكلما تأملت فيها وجدتها تصف وتعبر عن محطات في حياتك لا يمكن تجاهلها، تصفها وتلخصها ببضع كلمات فقط! وهذا الوصف المختصر الدقيق لجملة عريضة من الأحداث التي تكون قد مررت بها أو عايشتها هو ما يعطي هذه الاقتباسات جمالها وسحرها! فشأنها شأن الأمثال تصف وتعبر عن الكثير بالقليل، فيسهل تناقلها وحفظها وربما التعلم منها!

وفي هذه التدوينات أضع بين يديك جملة من تلك الاقتباسات التي وجدتها قريبة مني بشكل من الأشكال. ربما كانت تعبر عن دروس تعلمتها من حياتي الشخصية، أو كانت تصف أحداثاً مررت بما يشبهها أو حتى وجدتها قريبة من روحي فتعلقت بها وآثرت الاحتفاظ بها لقرائتها وتأملها والاستفادة منها.

Valery Legasov — Chernobyl!

Every lie we tell incurs debt to the truth. Sooner or later this debt is paid.

الاقتباس الأول والذي هو من أحب الاقتباسات إلى قلبي، والذي أجده يعبر عن درس يمكن اسقاطه على الكثير الكثير من نواحي حياتنا الشخصية! وهو من مسلسل تشرنوبل Chernobyl، وهذا المسلسل جميل جداً، قصير مؤلف من خمس حلقات، مناسب جداً للعائلة، ليس فيه أي مشاهد مخلة، ويصور الأحداث التي جرت في واحدة من أهم الحوادث التي عرفتها البشرية تدميراً، وهي حادثة انفجار المفاعل النووي في تشرنوبل (أنصحك جداً جداً جداً بمشاهدته فهو رائع جداً وذو مستوً عال سواء في النص أو الإخراج أو التمثيل!).

الاقتباس:

إن كل كذبة نطلقها، تضيف ديناً إلى الحقيقة. عاجلاً أم آجلاً هذا الدين سوف يُدفع.

ولو أردنا أن نترجم هذا الاقتباس بشكل أفضل، يمكن أن نقول مثلاً:

إن كل كذبة نطلقها تنزع لبنة من جدار الحقيقة. وعاجلاً أم آجلاً هذا الجدار سوف يتهدم!

في المسلسل يجري الاقتباس على لسان العالم فاليري ليغاسوف Valery Legasov وهو العالم الذي ترأس مجموعة العلماء الروس الذين تصدوا لمهمة معالجة موضوع التلوث الإشعاعي في تشرنوبل. لن أذكر لك من التفاصيل أكثر من ذلك فلعلك تشاهد المسلسل، وهو كما ذكرت جدير بالمشاهدة مهما كنت بعيداً عن المسلسلات والتلفاز، ولكن أذكر لماذا أثر هذا الاقتباس في ولماذا أجده ينعكس على الكثير من نواحي حياتنا في شتى مجالاتها.

الاقتباس في صلبه يعبر عن حقيقة أن كل ما نفعله الآن سنجني ثمرته لاحقاً شئنا أم أبينا. وهذه من سنن الله في كونه بكل تأكيد فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ ۝٧ وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُۥ ۝٨﴾ [الزلزلة ٧-٨]

فكل ما تفعله مهما كان صغيراً فسوف تجد ثمرته أمامك إن خيراً فخير وإن شراً فشر! ولكن ذلك لا يكون في الحياة الآخرة فقط، بل هو أيضاً في الحياة الدنيا. والكذب هنا يمكن إسقاطه على الكثير من المعاني التي تدور في فلكه!

فمثلاً الطالب الذي يؤجل الدراسة يوماً بعد يوم، هو في حقيقة الأمر يكذب على نفسه، يكذب بأنه يمكن أن يتدارك النقص في وقت لاحق. وكل يوم يؤجل الدراسة فيه هو في الحقيقة يكذب كذبة جديدة على نفسه. وكل كذبة كما في الاقتباس تراكم عليك ديناً تجاه الحقيقة، وهذا الدين سوف تدفعه عاجلاً أم آجلاً، وهنا يتم دفعه ليلة الامتحان! وهنا يمكن أن نذكر أن الحكمة التي تقول: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، تعبر عن نفس المعنى لهذا الاقتباس لكن بطريقة مختلفة!

مثال آخر، الشخص الذي يستمر في تناول الطعام ظناً منه أن يستيطع التحكم في نظامه الغذائي في أي وقت يشاء! هو في ذلك يضيف ديناً تجاه الحقيقة، الحقيقة التي هي أنه يكسب المزيد من الوزن مع كل لقمة زائدة عن حدها! وفي النهاية يجد نفسه مع الكثير من الوزن الزائد ويدفع الثمن تجاه الحقيقة!

وعلى ذلك قس، سواء في العمل، الحياة الشخصية، العلاقات وغيرها من نواحي الحياة الشخصية والتي يثبت فيها أن الإنسان يحصد في النهاية كل ما يزرعه شبراً بشبر وذراعاً بذراع!

Jim Rohn

الإقتباس التالي هو ثلاث اقتباسات في نفس الوقت، ولكها تدور حول نفس المعنى تقريباً، وهو تقحم المصاعب!

“Welcome all experiences. You never know which one is gong to turn everything on.”
Don’t put up the walls! The same walls that keep out disappointment keep out happiness too! Take down the walls, go for the experience, let it teach you!

I’ll do it or die!
That could the day that turns your life around!
That’s powerful! The world has a strange way of stepping aside when somebody says: I’ll do it of die!
The man says: I will climb the mountain, it’s too high, too far, to rocky, too difficult, it has never been done before! But it’s my mountain and I will climb it! Pretty soon you will see me waving from the top or dead on the side, cause I aint coming back! (Instagram link)

We all ask why we should work that hard, why take that many classes, why go to school for that many years! Why take the notes? Why read the books? Why work that hard? Why put yourself throught the push-ups and the disciplines? Why? Good question, Why!
The Best answet to “Why” I think, is the second question: Why not?
Why not see how many books you can read, how many classes you can take, how many skills you can develop? Why not see how valuable you could become to the marketplace, to your friends, to your family? Why not see what you can make of yourself?! Why not see how far you can go?! How much you can see? How much you can earn? How much you can share? WHY NOT?!
That’s the heritage all of us have! (Instagram link)

النص الأول: رحب بكل التجارب، فأنت لا تدري أي منها سوف يغير حياتك كلها!

وهو ما نعيشه أيضاً في حياتنا، البعض يختبأ خلف جدار من الخوف والروتين! وما إن يدمن روتيناً معيناً في حياته سواء في العمل أو خارجه، حتى يصبح من الصعب عليه الخروج من براثنه! ولا شيء مفيد مثل الروتين ولكن لا شيء مضر أيضاً مثله! فالروتين من ناحية الإفادة يسهل عليك القيام بالمهام التي عليك القيام بها، ولكن من ناحية أخرى إن اعتاده الإنسان فإنه يتقوقع داخله ويرفض أي فرصة جديدة للخروج منه! فإذا ما لاحت تجربة جديدة في الأفق في طياتها تغيير لذلك الروتين الذي اعتاده، تراه يحاول جاهداً الابتعاد عن تلك التجربة، ولكنه لا يدري أنه ربما يبتعد عما يمكن أن يغير له حياته كلها!

لذلك فإن التصرف السليم هو مواجهة كل التجارب الجديدة والتعلم منها مهما كانت غريبة وبعيدة عن روتين حياتنا اليومية! (وقد عشت مؤخراً تجربة مشابهة وكتبت عنها في مدونة المذكرات: هنا).

وعن هذا المعنى أكتب قصة قصيرة، أضيف رابطها هنا عند انتهائي منها إن شاء الله.

Third Quote!

The magic you are looking for is in the work you are avoiding!

وهو كالتالي: الدهشة التي تبحث عنها هي في العمل الذي تتجنبه باستمرار!

وهو حقيقي إلى درجة كبيرة! إذ إننا في كثير من الأحيان ندرك ما علينا فعله، ولكن لأن فعلنا لما يتوجب فعله (كما يخيل إلينا للوهلة الأولى) يتطلب الجهد والتعب، فإننا نلجأه لحين آخر ونقحم أنفسنا في شتى المسارات الجانبية! المسارات الجانبية التي هي بدورها تتطلب الوقت والجهد، ولكن ليس كذلك العمل الذي ندرك أن علينا فعله وتقحمه! ولكن طبع الإنسان تأجيل ما هو مهم وقتل الوقت بما هو غير مهم!

ولعلي أضيف إلى هذا الإقتباس معنى تعلمته من بعض ما عشته من تأجيل وتسويف للعمل الذي نؤجله ونعلم أن علينا فعله! وهو أننا أحيانا ننشغل بصغائر الأمور (في محاولة لإشغال أنفسنا وإيهامها بأننا نعمل على شيء آخر) ظناً منا أنها على نفس القدر من الأهمية ولكنها في حقيقة الحال (كما نعلم ذلك تماماً) ليست بالقدر الذي نوليه إياها من الأهمية! فبدل دراسة كتاب معين أحاول القراءة في رواية مثلاً، أو حتى التدوين هنا، وكل ذلك ليس بلا أهمية، ولكن ما يحدث والخطأ هو أن يكون ذلك على حساب المسار الأساسي والانشغال عنه بالمسارات الجانبية!

أضف تعليق