تسعة عشر، أيمن العتوم — A Blitzkrieg Review!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العرش العظيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم.

لقد بلغ السيل الزبى!

هذا الكاتب مغرور بنفسه! كنت أشعر بذلك وأكتمه لعل غير ذلك يكون! ولكن هذه الرواية أظهرت هذه الحقيقة بشكل لا يقبل اللبث! ربما تكون كلمة مغرور بنفسه ثقيلة الظل بعض الشيء، ولكنها تعبر عن الواقع الذي عشته في هذه الرواية، والتي لا تستحق القراءة أبداً أبداً أبداً! لماذا؟ لنرَ.

كنت قد وضحت فيما مراجعة سابقة لإحدى روايات الكاتب أن أسلوبه يفقتدأي حبكة روائية، ويعتمد تماماً على موضوع جمال اللغة والأشعار المحشورة في كل مكان! وهذا واضح جلي تماماً في هذه الرواية! فلا حبكة أبداً، ولكن حشو وحشو وحشو!

إغراق في السرد والوصف بدون أحداث وتطور لشخصيات (شخصية الرواية هنا) الرواية، بدون اعتراك للأحداث وتصاعد لها! كل ما يفعله هو مزيج من التناقض والتألي (زج ببعض الناس في جهنم!) وافتراض ما يمكن أن يحدث! وفوق هذا وذاك لا يدع فرصة إلا ويبث لك فيها شيئاً عن نفسه في الفانية (قبل موته، حيث الرواية عن عالم البرزخ).

وهنا بيت القصيد في هذه المراجعة! وهنا تجد لماذا بلغ السيل الزبى! فالكاتب لا يدع فرصة إلا ويستغلها ليخبرك كم كان يحب الكتب! وكم كان يقرأ وكيف كانت مكتبته وكم احتوت من الكتب، وكم أفنى في سبيل اقتنائها، وكيف كان يعاملها! وكيف كان منذ نعومة أظفاره محباً للكتب عاشقاً للكلمات! كيف وكيف وكيف! لن تجد فصلاً بدون الحديث عن ذلك!

وليزيد الطين بلة، فهناك في أحداث الرواية حشر لمجموعة أحداث (مجموعة فصول) هي دخوله لمكتبة هائلة الحجم، وهذه الفكرة المحشورة في الرواية حشراً والتي لا محل لها من الإعراب في أحداث يوم البرزخ، كانت جنته ومرتعه الخصب ليبرهن لك فيها على ثقافته وحبه الشديد للكتب وكم كان ذا اطلاع في الفانية! فتحد عدة فصول لا يتحدث فيها سوى عن الكتب وعن مئات الشخصيات ويقتبس لها على طول الرواية وهنا بالأخص ما يفيد وما لا يفيد! وكل ذلك حشو لا فائدة منه! وهذه النقطة (حشو الاقتباسات والأشعار) هي ديدنه في كل أعماله التي قرأتها حتى الآن! سواء أكان الاقتباس يخدم الفكرة أو لا يخدمها، المهم أن يسوق لك بعض الشعر في كل صفحة!

لقد شق علي إنهاء هذه الرواية حقاً، وشق علي الأسلوب السطحي في التعامل مع الموضوع على أهميته وندرة من تحدث عنه في الرواية! فحتى شرعياً هناك الكثير من الحشو الذي لا محل له في الشرع حتى من أفكار وأحداث لا أعتقد أنها تستند على أي أرضية شرعية! من موضوع الريشات التسعة عشر، إلى المكتبة العظيمة التي دخلها، إلى فكرة إدخاله فلان جهنم (امرؤ القيس مثلاً) وفلان الجنة (وهو نفسه ناقض ذلك في نهاية الرواية!!! حيث اعترف أن الأمر لله وليس لأحد سواه!!!) إلى موضوع إيقاظ الناس بالريشات وما سواه من الهرج والمرج! كل ذلك يجعل أحداث الرواية عبارة عن جملة من الأفعال محشورة في محيط من الاقتباسات لمئات الشخصيات التاريخية في سياق لا يهدف فيه الكاتب إلا لبيان فصاحته وحبه للكتب وللغة وللحديث عنها!

وكما ذكرت لا حبكة أبداً! لا مستند شرعي لكثير من الأحداث في رواية يفترض أنها تتحدث عن عالم البرزخ! طبعاً لا ننسى أنه صنف نفسه من الناجين (وندعو له ولنا ذلك، ولكن الأمر لله وحده ولا يضمن الإنسان كيف سيكون عليه الحال في هذا العالم!). اقتباسات في معظمها لاعلاقة لها بسياق الأحداث وأبيات شعرية لا تغني ولا تسمن من جوع (كما في كل رواياته!) كل ذلك وضع في خلاط واحد، خلطه في شهر واحد (كما يقول بأنه كتبها في شهر) فخرجت منه هذه الرواية التي هي أقرب ما تكون إلى كعكة غير ناضجة مكوناتها غير متناسقة لا تسمن ولا تغني من جوع! بل طعمها غير مستساغ أبداً!

إذاً الصورة النهائية التي تكونت عندي عن هذا الكاتب هي كالتالي:

  • لا يجيد صناعة أي حبكة قصصية! ورواياته الناجحة كما بينت سابقاً (يسمعون حسيسها وأنا يوسف) هما روايتان بحبكة جاهزة تماماً لم يكن له أي تدخل بها سوى أنه وضعها في قالب روائي. ونلاحظ في هاتين الروايتين أنه لم يستطع (ولحسن الحظ) حشوهما يما يحب ويهوى! لأنه مجبر على اتباع نسق معين من الأحداث! أما في هذه الرواية وباقي رواياته التي قرأتها له (اسمه أحمد، نفر من الجن، رؤوس الشياطين، صوت الحمير وتسعة عشر وقرأت بداية يا صاحب السجن) فكلها محشوة حد التخمة بالاقتباسات والأشعار بهدف الحشر فقط وبيان ثقافته واطلاعه! وهذا الأمر بلغ حده في هذه الرواية!
  • صناعة الشخصيات في الروايات التي يطلع هو بصناعة حبكتها ضعيف ضعيف ضعيف! حتى أنه لا يوجد أي تطور للشخصية مع تطور أحداث الرواية!
  • كل ما يعتمد عليه هو اللغة والشعر وما حفظه من اقتباسات يزج بها بمناسبة (مرة) وبدون مناسبة (آلاف المرات!).
  • المواضيع على أهميتها إلا أنه لا يستطيع التعامل معها كروائي متقن لصناعة الأحداث وتطورها وتقدم الشخصيات في معترك تلك الأحداث!

لا أعرف كيف يمكنني متابعة قراءة بقية رواياته! وربما لن أقرأها لست أدري! ولكني في النهاية أوصيك (إن أحببت أخذ النصيحة) بقراءة روايتين فقط له: يسمعون حسيسها وأنا يوسف. ما تبقى لا تقترب منها لأنك لن تنهيها إلا بشق الأنفس!

وترسخ لدي فعلاً أن الكاتب لديه بعض الغرور، مما شاهدت له من مقابلات ولقاءات كان أحدها الحديث عن مكتبته وما تحويه من كتب! وما يشاركه هو من فيديوهات يتحدث فيها عن نفسه وعن بعض المواضيع ذات الصلة.

منها مثلاً حديثه عن منع رواية صوت الحمير والتي منعت في الأردن، فكان ذلك سبباً له لبيان أهميتها وحتى أنه قال بأنها تشكل إضافة كبيرة للأدب العالمي على ما أذكر! وهي رواية غير مترابطة تعتمد نفس أسلوبه السابق، حيث يأتي بفكرة ما ثم يضعها في الخلاط ويضيف إليها مئات الأبيات الشعرية والاقتباسات والأسماء التاريخية، بدون أي إضافة لحبكة متقنة أو تطور لشخصيات الرواية، فتخرج الرواية متعثرة مبعثرة ليست سوى صفحات من الاقتباسات والحديث الذي لا يفضي إلى حبكة واحتدام للأحداث ومن ثم حل لها!

كنت أتوسم فيه الخير أكثر بكثير من الآن، وخصوصاً أن أول ما قرأت له كان يسمعون حسيسها وأنا يوسف (وهما أجمل رواياته بكل تأكيد، وربما الوحيدتان!)، فظننت أني أمام ظاهرة أدبية عربية تستحق كل الاهتمام، فاقتنيت كل رواياته! ولست أدري إن كان ذلك قراراً صائباً أم لا! لست أدري إن كنت سأتابع قراءتها أم سأتوقف!

خلاصة الخلاصة: لا تقرأ هذه الرواية. وإن أحببت أن تقرأ له فأعتقد أن (يسمعون حسيسها وأنا يوسف) هما الوحيدتان اللتان تستحقان القراءة. أما ما سواهما فأنت على موعد مع عدد لا حصر له من الاقتباسات الشعرية (اللا محل لها من الإعراب) والحبكة الغائبة تماماً! (فكل ما هنالك وصف وسرد بلغة جميلة فقط) ولا شخصيات تتطور مع تقدم القصة ولا احتدام في الأحداث! أشعار وأشعار واقتباسات من هنا وهناك بمناسبة وبدون مناسبة!

أضف تعليق