خواطر منتصف الليل! — 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العرش العظيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم.

العمل كرسالة أو للمال

العمل والسعي للرزق أمر لا بد منه ومطلوب من الجميع، بلا شك، ولكن هل العمل الذي تقوم به هو العمل الذي تحلم به؟ هل يمثل أو يخدم رسالتك في الحياة؟ أم هو مجرد وسيلة للرزق وكسب المال ورسالتك وأهدافك العليا في الحياة تقوم بها خارج أوقات العمل؟!

هل يمكن التوفيق بين الأمرين؟ أن يكون عملك هو رسالتك في الحياة، وأن يكون مصدر رزقك هو نفسه هدفك العالي في هذه الحياة، والذي من خلاله تساعد في جعل الدنيا مكاناً أفضل؟!

وكيف توفق بين الأمرين إن كان عملك مقتصراً على كونه مصدر رزقك وقوتك؟ كيف تزيد من الوقت (بعد عملك) الذي تستخدمه لخدمة المجتمع من حولك؟ وكيف تساعد في جعل الدنيا مكاناً أفضل؟ وهذا يقودنا للفكرة التالية، العمل التطوعي!

العمل التطوعي

تنضوي معظم الأعمال التي نقوم بها ضمن ما يمكن تسميته “المصلحة الشخصية” وأقصد هنا المصلحة الشخصية بالمعنى الإيجابي وليس السلبي (الأناني). فنحن نعمل في النهار لكسب رزقنا وقوت يومنا، ونقرأ لنتعلم أو لنكتسب تجارب في الحياة، ونسعى لأجل أهلنا، ولأجل أنفسنا. ولكن، ماذا نفعل لخدمة دين الله؟ لخدمة الإسلام؟ لخدمة الناس من حولنا (المجتمع)؟ لمساعدة المحتاج؟ ما هو نصيبنا من العمل التطوعي الخيري؟

أعتقد بأننا مقصرون بشكل من الأشكال في هذه الناحية، ولا بد لنا من سبيل نخدم فيه الناس من حولنا، فنحن في حقيقة الأمر ربما نترك هذا الأمر للمستقبل أو لحين يتاح لنا المزيد من الوقت، ولكن كما الدرس الذي ننساه دائماً، لا تؤجل شيئاً للمستقبل، إفعله الآن!

سأحاول من جهتي التفكير بشيء ما في هذا السياق!

فيما يتعلق بالموضوعين السابقين وهما مرتبطان كما ترى، أقرأ في كتاب جميل (نقول عنه باللغة العامية: خفيف نضيف) وصلني بالبريد من الموقع المتخصص في موضوع الكتاب، وكنت قد اشتركت فيه وتم إرسال الكتاب لي، واسم الكتاب: 80,000 Hours: How to make a difference with your career وسأحاول إن شاء الله وضع خلاصته في مقالة منفردة.

مالذي يحدث في الجامعة؟

سأضرب لك مثالاً ومنه تتضح النقطة التي أريد أن أتحدث عنها هنا. درست الطب في جامعة حلب، وفي سوريا تعد كلية الطب الأعلى من بين كل الكليات، أي أنني كنت بفضل الله ومنه وكرمه، من الذين جمعوا مجموعاً أهلهم لدخول هذه الكلية، بمعنى آخر كنت الأول على مدرستي وهذا حال شأن كل طلاب الطب في كل جامعات سوريا. كل الطلاب يكونون من الأوائل على مدارسهم. طبعاً يجب أن نضيف نقطة أنا أقتنع بها تمام الاقتناع، لا علاقة بهذه العلامات في قيمة الإنسان الحقيقية، قيمة الإنسان الحقيقية هي في ما يقدمه لاحقاً للناس من حوله، وما يقدمه لأهله وأصدقائه وجواره، وما يقدمه لمجتمعه وهكذا، أما العلامات والكليات وسواها فهي حبر على ورق إن لم تترجم إلى عمل.

نعود لمثالنا، هؤلاء الطلاب الأوائل في مدارسهم اعتادوا طوال فترة دراستهم على أن يكونوا في المراكز الأولى على صفوفهم ومدارسهم، وهذا يعني حيازة العلامات التامة أو شبه التامة في كل الامتحانات والمذاكرات تقريباً، من الصفوف الأولى حتى الأخيرة. لكن! وهنا النقطة التي سأتحدث عنها هنا، ما إن يدخل هؤلاء الطلاب الجامعة ويبدؤوا بدراسة الطب، حتى تنتهي قصة العلامات التامة تماماً!!!!

مالذي يحدث إذاً؟؟!! يبدأ معظم هؤلاء الطلاب (الذين اعتادوا سابقاً على العلامات التامة أو شبه التامة) بحيازة علامات دون ذلك بكثير! فمن مئة مثلاً لنقل أن الغالبية في كلية الطب تحوز العلامات بين 65-85. الذي يحوز على علامات قريبة من الـ 90 فما فوق يكون من العشرة الأوائل على الكلية غالباً. ولكن مالذي حدث لكل هؤلاء الذي اعتادوا أساساً على حيازة العلامات التامة في ما مضى؟

ما رأيك بأن تحاول إيجاد جواب لهذا السؤال قبل أن تكمل؟ ثم قارن مع الجواب الذي أطرحه هنا.

هل توقعت أن تقرأ الجواب هنا؟ لا! سأضعه في المقالة التالية من خواطر الليل أو منتصف النهار!

أضف تعليق